افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس الجامعة القاسمية، صباح الخميس، بحضور سمو الشيخ عبد الله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة مبنى دار المخطوطات الإسلامية الذي يقع في الجامعة القاسمية بالشارقة.
وبعد إزاحة الستار التقليدي إيذاناً بافتتاح المبنى تفقد صاحب السمو حاكم الشارقة ما يضمه المبنى من مرافق وقاعات ومخطوطات ثرية بما تحويه من علوم اسلامية ومعارف تعود إلى مئات السنين.
واطلع سموه على المخطوطات المعروضة في بهو المبنى التي تضم أقدم المخطوطات الموجودة التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الهجري.
وتعتبر المخطوطات والوثائق الموجودة من أنفس المخطوطات التاريخية التي جمعها صاحب السمو حاكم الشارقة خلال زياراته لدول العالم المختلفة، وأهداها إلى دار المخطوطات الإسلامية، حيث تضم الدار أربع مجموعات من المخطوطات الإسلامية الأصلية النادرة، تنوعت ما بين كتب في الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية وعلوم الفلك والرياضيات والطب والصيدلة، إلى جانب مصاحف مخطوطة أصلية نادرة.
وتضم الدار عدداً من القاعات والمختبرات والأقسام الفنية منها مختبر المعالجة والتعقيم والترميم، والمسح الضوئي للمخطوطات، وقسم تجليد المخطوطات، وقسم الفهرسة والتصنيف، أما الأقسام الخدمية فتضم قاعة البحث والاطلاع الرقمي، وقاعة الاطلاع على المخطوطات الأصلية، وخدمات الطباعة الرقمية، وقاعة التحقيق والنشر.
ولحفظ الوثائق والمخطوطات فالدار تحتوي على قاعة لحفظ المخطوطات وقاعة لحفظ الكتب النادرة والوثائق وقاعة لحفظ الدوريات.
وروعي في تصميم دار المخطوطات الإسلامية تجهيزها بأحدث الأجهزة والآلات المستخدمة في مراكز المخطوطات العالمية، منها معمل صيانة وتعقيم ومعالجة وترميم وتجليد المخطوطات، وهو يحتوي على جهاز التعقيم بغاز الأوزون وأجهزة تنظيف المخطوطات، وجهاز فك التصاق أوراق المخطوطات، وجهاز تغليف حراري لعلم تقوية أوراق المخطوطات المتهالكة باستخدام الشفاف الياباني ومحاليل ومركبات كيميائية لمعالجة المخطوطات من أثر الحموضة والرطوبة العالية، وكذلك تنظيفها من البقع المختلفة، إلى جانب أجهزة التصوير الرقمي لتصوير المخطوطات رقميا، وهي أجهزة حديثة جداً بتقنية عالية للتصوير بأعلى درجات الوضوح، ويتم التصوير لكل المقاسات.
وتضم الدار حافظات للمخطوطات بخزائن متحركة أتوماتيكية وقاعة الحفظ تتوافر فيها شروط الحفظ العالية من درجات الحرارة والرطوبة النسبية والإضاءة المناسبة ونظام إطفاء الحريق الخاص بالمخطوطات، وهو الأحدث عالمياً، بحيث لا يسمح باشتعال النيران تماما على مدار الساعة، وأبوابه حديدية أتوماتيكية تفتح ببطاقات ممغنطة للأشخاص المصرح لهم فقط.
وشيد مبنى الدار على الطراز إسلامي بمساحة تقدر ب 2800 متر مربع ويتكون من طابقين ويحتوي على الكثير من المرافق الخدمية والفنية.
وخلال حفل افتتاح الدار كرم صاحب السمو حاكم الشارقة معالي جمعة الماجد ومعالي عبد الواحد النبوي تقديراً لجهودهم في مجال حفظ المخطوطات والوثائق التاريخية.
حاكم الشارقة: دار المخطوطات الإسلامية صرح ثقافي يخدم الباحثين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي
وكان سموه قد أدلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس الجامعة القاسمية بتصريح لإذاعة وتلفزيون الشارقة، دعا فيه الباحثين والمهتمين والمختصين في مجال التاريخ الإسلامي والفقه والعلوم الأخرى إلى الاستفادة من المخطوطات النادرة والنفيسة المتوفرة في دار المخطوطات الإسلامية، وليس بالضرورة التسليم بكل ما في هذه المخطوطات، لأن كاتب هذه المخطوطة له رأيه الخاص وزمنه، فيجب على الباحثين دراستها وتحقيقها.
وقال سموه: “اليوم وفي هذا المكان المهم بالنسبة لي، ولكثير من الباحثين في مجال التاريخ والفقه الإسلامي والفلك والطب وكثير من العلوم، نفتتح هذا الصرح على بركة الله وبتوفيق من عنده، هذه الدار تحتوي على ما يقارب 1500 مخطوطة، في علوم شتى، معظمها باللغة العربية وصالحة للبحث العلمي.”
وأشار صاحب السمو حاكم الشارقة إلى أن الجامعة القاسمية تسير على نهج الجامعات العالمية، في تحقيق المخطوطات بما ينفع الناس، مبيناً سموه أنه ليس كل مخطوطة نسلم بها، على ما بها، لأن من كتبها له رأيه وزمنه، وكذلك الفترة التي كان بها، فكثير من الآفات التي تصيب الأمة الإسلامية، هي الكتابة بعد كل تغير في حكم في بلد من البلدان، تأتي أمة تزيح أمة، وتأتي قوة تزيح قوة، تصفها ما تصفها، إرضاءً للحاكم الجديد.
وأضاف سموه: “نحن نقول إن هذه المخطوطة مهما كان بها من أخطاء، نحن لا نقبلها، ولكن ننتقدها ونحققها، ونقول هذه المخطوطة وهذا المنهج الصحيح، هذه المخطوطات هذه البداية، هذه الدار بها فقط 1500 مخطوطة وهي ما كان لدي، ونأمل أن يزداد الإهداء من المحبين للعلم، ويزداد نشاطنا في امتلاك المخطوطات المهمة، وتكون مادة للباحثين.”
11 مخطوطة تدين معاناة المسلمين في الأندلس وما عانوه من محاكم التفتيش
كما تضمنت دار المخطوطات الإسلامية مخطوطات نادرة قدمها سموه بمناسبة الافتتاح وهي (مخطوطات باللغة الإسبانية لأوامر ملوك اسبانيا ومحاكم التفتيش بالإعدام والتنصير وبيع أبناء وبنات المسلمين والطرد من اسبانيا)، وقال سموه عنها: “هناك 11 مخطوطة باللغة الإسبانية وربما يسأل البعض لماذا هي بالإسبانية، لأنها تثبت أكبر كارثة على الأمة الإسلامية، وهي كارثة ما حصل للمسلمين في اسبانيا، وهم سكان الأندلس، وهذه المخطوطات تثبت بالأمر الصادر من الملك، ومن الوزراء والقضاة، والمحاكم، ولكل مخطوطة لها حادثة، وربما هذه الحادثة تغيب عن الناس، أو ينقلها الزمن و تأول.”
وبين سموه: “أن من بين هذه المخطوطات مخطوطة تثبت الإعدامات بالأمر المباشر من ملك اسبانيا في ذلك الوقت، حيث نصت إحدى المخطوطات على “مكنوني لأصدر الإعدامات في هؤلاء”، وفي مخطوطة ثانية تثبت تنصير المسلمين حيث تنصروا ظاهرياً وأخفوا دينهم لأن مصيرهم الإعدام، وهناك مخطوطة نصت على: “لا يغركم هؤلاء، لأنهم لا يصلون معنا، هم يصلون وحدهم” وكانت المشكلة التي تواجههم هي صلاة الجمعة، وتروي هذه المخطوطة ما حدث في تلك الفترة.”
ومن بين المخطوطات المهمة التي تدين معاناة المسلمين في الأندلس، مخطوطتان تثبت أمر الملك بالقبض على بعض المسلمين أو أسرهم، وتفويض الجنود بامتلاك أبناء وبنات المسلمين وبيعهم في السوق.
وهناك مخطوطة تثبت مصادرة أموال الناس وتجريد الناس من أموالهم، وهي صورة معاناة المسلمين في تلك الفترة.
كما وثقت مخطوطة صورة من صور التهجير القصري، وطرد الأب والأم وأخذ الأولاد، ويكون ملك للدولة، ويتم تنصيرهم بالقوة، وتروي محاكم التفتيش التي تصدر أوامر صارمه في قضايا تافهة.
ونوه صاحب السمو حاكم الشارقة إلى أن المخطوطات يعود تاريخها إلى عام 1516 – 1610م، أي ما يقارب 100 عام من المعاناة، نضعها للباحثين والمهتمين ليروا المآسي ومعاناة المسلمين في اسبانيا، وكيف خان ملك اسبانيا العهد الذي قطعه لأمير أبو عبدالله الصغير أخر ملوك الأندلس، في الحفاظ على أموال المسلمين ومعتقداتهم.
وكشف صاحب السمو حاكم الشارقة عن مؤلف جديد سيصدره بعنوان “إني أُدين”، يضع فيه هذه المخطوطات ويؤرخ لهذه الكارثة ومعاناة المسلمين في الأندلس، وينبه فيه أصحاب الضمائر الحية في اسبانيا في النظر لهذا الكتاب وإنصاف المسلمين.
حضر الافتتاح إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة كل من الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ سيف بن محمد القاسمي مدير المدينة الجامعية في الشارقة، ومعالي عبدالرحمن العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، وسعادة خولة الملا رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ومعالي محمد المر، ومعالي جمعة الماجد، وسعادة راشد أحمد بن الشيخ رئيس الديوان الأميري، وسعادة خميس بن سالم السويدي رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى، وسعادة عبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وسعادة الدكتور طارق بن خادم رئيس دائرة الموارد البشرية، وسعادة الدكتور سعيد مصبح الكعبي رئيس مجلس الشارقة للتعليم، وسعادة المهندس علي بن شاهين السويدي رئيس دائرة الأشغال العامة، وسعادة خالد جاسم المدفع رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي، وسعادة علي سالم المدفع رئيس هيئة مطار الشارقة الدولي، وسعادة الدكتور خالد عمر المدفع رئيس مدينة الشارقة للإعلام، وسعادة سالم القصير رئيس هيئة تطوير معايير العمل، وسعادة علي المري رئيس دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية، وسعادة بلال البدور، وسعادة عبدالرحمن بن علي الجروان، ومعالي عبدالواحد النبوي، وعدد المسؤولين ومدراء الدوائر الحكومية والأدباء والمختصين.